التنوّع والاحتواء: أمران لا يقتصران على المساواة بين الرجل والمرأة

بقلم نيدي سينج، مديرة التنوّع والاحتواء في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا

شاركتُ مؤخراً في الدورة السنوية الثالثة من مؤتمر المرأة في الشرق الأوسط وأفريقيا الذي نظّمته شركة مايكروسوفت في إسطنبول. وانعقد المؤتمر هذا العام تحت عنوان الاحتفال بالتنوّع والاحتواء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

بصفتي مديرة التنوّع والاحتواء في مايكروسوفت في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا، سُررت بما تقوم به مايكروسوفت لتوسيع نطاق التركيز على التنوّع والاحتواء.

وبما أنّ مايكروسوفت شركة تكرّس نفسها لابتكار سبل تساعد فيها الناس والمؤسسات على تحقيق وإنجاز المزيد، لا بدّ من وضع أجندة للتنوّع تشمل طيفاً واسعاً من الأشخاص الذين يختلفون في خلفيتهم وشخصيتهم وأسلوب عملهم وثقافتهم ولغتهم. ففي النهاية، أنّى لنا أن نطوّر المنتجات والحلول لعملائنا إذا لم نفهمهم؟ ويعني ذلك أيضاً أنّنا بحاجة إلى قوى عاملة متنوّعة ومؤهلة ثقافياً، وهي قوى تعكس الطابع البشري المتغيّر أبداً لدى عملائنا.

ومع أنّ هذه الرحلة هي رحلة الألف ميل، تحرز مايكروسوفت في الشرق الأوسط وأفريقيا تقدّماً ملحوظاً في مجال تأسيس قوى عاملة متنوّعة ومندمجة حقاً. فمن العاملين في مجال الموارد البشرية إلى قادة الأعمال، تلتزم المنطقة فعلاً بزيادة الوعي والإدراك لأهمّية التنوّع والاحتواء، فتُدخل هذه الفكرة في المحادثات اليومية وتجعلها مجدية ومفيدة للجميع.

هل مشكلة عدم المساواة بين الرجل والمرأة ما زالت قائمة؟

لا شكّ في أننا لا نريد أن نصدّق أنّ هذه المشكلة لا تزال قائمة، بيد أن بيانات القطاع تشير إلى الحاجة المستمرّة إلى نتائج تقوم على استراتيجية محدّدة لزيادة تمثيل المرأة في القوى العاملة.

فإذا ما نظرنا إلى تمثيل المرأة في مؤسّسات القطاعين العام والخاص، وحتّى في الجامعات، يتبيّن لنا أنّ المرأة لا تزال تعاني تمثيلاً ناقصاً. وفي الكثير من الحالات، تحاول الشركات الحفاظ على نسبة متساوية بين الرجال والنساء في مجموع وظائفها، إلا أنّ التفاوت لا يزال قائماً بسبب عدّة عوامل. لكن على الرغم من المشاكل المستمرّة لجهة المساواة بين الرجل والمرأة، يجب ألا ننسى أنّ مكان العمل المتنوّع لا يقاس فقط بالتساوي بين الجنسين، بل انطلاقاً من معايير أخرى أيضاً.

أوجه الشبه بين الشرق الأوسط وأفريقيا والهند

يجمع بين منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وبين الهند عموماً عدّة أوجه من الشبه، إذ تتّسم المنطقتان بثقافة متنوّعة جداً، ممّا يطرح عدداً متساوياً من الفرص والتحديات من جهة الاحتواء في مكان العمل.

وتُعتبر منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا متنوّعة إلى حدّ كبير، ففيها أناس من ثقافات وجنسيّات متعدّدة نظراً إلى قرب المنطقة من آسيا وأفريقيا وحتّى أوروبا. كذلك تتميّز الهند بتنوّع الأشخاص ذوي أديان وثقافات ولغات مختلفة. من هذا المنطلق، ومن خلال عدّة طرق، يمكن أن نشمل أيضاً بين أوجه التشابه أنّ الاحتواء ليس بمفهوم جديد في هاتين الثقافتين على الرغم من الفوارق الدقيقة بينهما.

الانحياز اللاشعوري وأثره على مكان العمل

يشكّل "الانحياز اللاشعوري" موضوعاً يهمّني بحدّ ذاته ويهمّني أيضاً تأثيره على طريقة تصرّفنا في مكان العمل.

خلال الكلمة التي ألقيتها في المؤتمر، تحدّثت عن الانحياز الذي نمارسه جميعاً لاشعورياً في مكان العمل. ولا يقتصر ذلك على الانحياز "الشعوري" الذي نربطه عادةً بمظهر شخص ما أو كلامه. مثلاً،  في حالة "الانحياز الإجماعي"، نميل إلى الاختلاط فقط مع الأشخاص الذين يوافقوننا الرأي، ممّا يؤدي إلى ظهور "جماعاتنا" والجماعات الأخرى" في مكان العمل، حيث يحظى الأشخاص بمزايا لا يستحقّونها بمجرّد انتمائهم إلى "جماعاتنا".

بالتالي، بهدف إنشاء قوة عاملة متنوّعة ومندمجة بالكامل، يجب أن نتنبّه إلى هذه الانحيازات ونعالجها دائماً. فهذه الخطوة الأولى لخوض هذه الرحلة. فالتغيير الجماعي لا يأتي إلا بالمباشرة بالتغيير على صعيد شخصي، لذا تقع على كل شخص مسؤولية تحفيز هذا التغيير في نفسه أولاً.Womens-conf-1024x683

كيف نساهم في تأسيس قوى عاملة متنوّعة ومندمجة على الصعيد الفردي؟

أهمّ ما يمكننا أن نفعله كأفراد للتخلّص من "الانحياز اللاشعوري" هو أن نصبح مُدركين لانحيازنا وأن نفهم كيف يؤثّر سلوكنا المنحاز على الآخرين. أمّا الخطوة التالية، فهي المبادرة إلى تصحيح القرارات أو التصرّفات التي قد تنجم عن هذا الانحياز.

وتترتّب علينا أيضاً مسؤولية لفت الأنظار إلى هذا الانحياز عندما نلحظه في مكان العمل. ففقط بالعمل الجماعي يمكننا أن نولّد التغيير في مكان العمل وفي المجتمع برمّته. وقد يكون هذا، من نواحٍ مختلفة، تركة راقية ونبيلة نتركها للأجيال القادمة.