إزالة الفجوة بين الرجل والمرأة وتمكين النساء في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

بقلم ليلى سرحان، المدير العام الإقليمي في مايكروسوفت

 قال الفيلسوف والدبلوماسي اللبناني شارل مالك: "أسرع طريقة لتغيير المجتمع هي الاستفادة من قدرات نساء العالم". وكان يقصد بحديثه أهميّة المساواة بين الرجل والمرأة، وهو أمر تأخذه مايكروسوفت على محمل الجدّ، ولا سيّما في الشرق الأوسط، حيث الفجوة بينهما واسعة جداً. وهذا أمر مهمّ بإعتبار أنّ الباحثين توصّلوا إلى أنّ الدولة التي تنتخب امرأة لتبلغ أرفع منصب فيها تشهد زيادة في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 6.9% أكثر من إجمالي الناتج المحلي عند انتخاب رجل لرئاسة البلاد. ومن أجواء يوم المرأة العالمي، الذي صادف في 8 مارس، وتحت تحت عنوان "حقّقي حلمك"، أردنا تسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجال التكنولوجيا وعلى بعض المشاريع التي نعمل عليها لتحقيق هذا الأمر في الشرق الأوسط.

لا نزال متأخّرين

تُظهر الاتجاهات الحالية أنّ مشاركة المرأة في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والفنّ، والتصميم، والرياضيات ضئيلة مقارنةً بمشاركة الرجل، إذ تشكّل المرأة 30% فقط من القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حول العالم. وهذا أمر مقلق، لأنّ هذه المجالات تحفّز التقدّم والنمو الاقتصادي. ومن المهمّ أيضاً أن تشارك المرأة في مجالَي الفنّ والتصميم، فضلاً على المجالات التي وردت أعلاه، بما أنّها ضرورية للابتكار، الذي يُعدّ من مستلزمات النمو هو أيضاً.

ومايكروسوفت من كبار مشجّعي المرأة في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والفنّ، والتصميم، والرياضيات، لذلك تشارك في عدّة شراكات ومبادرات تتيح لهنّ الوصول إلى تلك المجالات وصقل مهاراتهنّ لتحقيق النجاح.

تمكين الشابات في مختلف المراحل المهنية

في سياق مبادرة "يوثسبارك" YouthSpark، طرحنا برنامجاً مدّته ثلاث سنوات يهدف إلى تمكين 100 ألف امرأة شابة في الشرق الأوسط وأفريقيا عن طريق قيادة الشباب، والتمكين الاقتصادي، والمشاركة المدنية. وتشمل المبادرة تعلّم كيفية البرمجة، وبرامج الإشراف، وحملات توظيف المرأة من المجتمعات الفقيرة والمهمّشة، وتشجيع الشركات الناشئة التي تملكها نساء شابات، وإعداد برامج التطوّع، والنساء صانعات القرار، ومشاركة المؤسسات غير الحكومية.

ونعمل على عدّة مشاريع هدفها تشجيع الطالبات الشابات على إكمال مسيرتهنّ في قطاع التكنولوجيا. وتجري حملة DigiGirlz على صعيد العالم بأسره. وعملت الشركة منذ العام 2000 مع 19 ألف طالبة في دورات تدريبية وفعاليات امتدّت على يوم واحد، وتفاعل فيها الاختصاصيون في القطاع مع المشارِكات وناقشوا الابتكار في التكنولوجيا والفرص المتاحة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وبعيداً عن عالم الطلاب، من المهمّ أيضاً مساعدة الرائدات في مجال الأعمال في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تنمية مؤسّساتهنّ. فبالتعاون مع جمعية رائدات الأعمال في المغرب ومتجر INWI، تعمل أكاديمية الشركات الناشئة السحابية (Cloud Startup Academy ) على تشجيع هذه الفكرة بالذات . وتهدف الأكاديمية إلى مساعدة الشابات على تأسيس شركات ناشئة مبتكرة بحسب أحدث التقنيات السحابية، علاوة على تعزيز مهاراتهنّ في مجال التواصل والتكنولوجيا وريادة الأعمال والتسويق.

قصص النجاح خير دليل

ومع استمرار هذه البرامج، من المشجّع أن نسمع عن قصص النجاح النابعة من مبادرات كهذه. فعلى سبيل المثال، تحوّلت نعيمة، وهي شابة مصرية، من ربّة منزل إلى رائدة أعمال بعدما شاركت في دورة تدريب مالي في سياق برنامج AspireWomen، ونمّت ما يكفي من الثقة لتوسيع مؤسّستها العائلية الصغيرة. وفي مصر أيضاً، حصلت تحية نبيل على إرشاد مهني من مبادرة انطلقت تحت اسم "مصر تعمل"، تقدّم دورات وخدمات إرشاد مجانية تهدف إلى تمكين الشباب عبر تقديم الاستشارة والتعليم والوظائف اللازمة. وهكذا حقّقت حلمها بدبلجة أفلام الرسوم المتحرّكة.

والتقيت مؤخراً في الأردن بالطالبات من شركاء مايكروسوفت الطلاب MicrosoftStudentPartners، اللواتي دفعهنّ شغفهنّ بالبرمجة إلى زيارة المدارس الرسمية لإخبار الشابات كيف باستطاعتهنّ تغيير العالم عن طريق تطوير البرمجيات، في سياق مبادرة "ساعة البرمجة".

أؤكد لكم أن لا شيء يقف في طريق هؤلاء النسوة اللواتي يسعَين وراء النجاح، من دون التخلّي عن حياتهنّ العائلية. فتحقق ريهام منصور، إحدى الباحثات في مجال علوم الكمبيوتر في القاهرة، مسيرة ناجحة وفازت بعدّة جوائز عن عملها، وهي أم لطفلين. فريهام وأمثالها هنّ المثال الأعلى للنساء الناجحات في المستقبل في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.

نعتقد بأنّ أمام هؤلاء الشابات فرصةً كبيرة لتلبية الطلب المتنامي على المهارات في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والأعمال في الشرق الأوسط. ولا بدّ عليهنّ من اكتساب المعلومات والمهارات اللازمة للاستفادة من هذه الفرص المهنية، ليس في سبيل المشاركة في الاقتصاد العالمي وإحداث توازن أكثر بين الرجل والمرأة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فحسب، بل أيضاً لأنّ ذلك يمكنّهنّ من تسخير التكنولوجيا لتحسين حياتهنّ اليومية ورفع شأن مجتمعاتهنّ. لذا نحثّ الحكومات والمؤسسات والمعاهد الأكاديمية العربية والعالمية على المشاركة لتحقيق حلم الشابات